قصة سقوط اللواء 190 مدرع الإسرائيلى
العميد حسن أبوسعده لو تأخر قرارى ثلاث دقائق لما كان العدو وقع فى الفخ
نهاية اللواء 190 مدرع فى ثلاث دقائق
عساف يا جورى كان خائفا على مصيره بعد الأسر
إعداد
كثيرا من الشعب المصرى يسمع عن سقوط اللواء المدرع 190 الإسرائيلى ولم يعرف تفاصيل سقوطه شئ غير معلومات بسيطة فهذه قصة سقوط هذا اللواء و أسر قائده عساف ياجورى ليتعرف الشعب المصرى على كفاح أبطاله من قيادات وجنود
فى موقع قيادى داخل صحراء سيناء وعلى عمق أكثر من عشرة أمتار تحت الرمال كان هذا اللقاء بين قائد اللواء للقطاع الأوسط فى الجبهة المصرية وبين أحد المحررين فى إحدى المجلات المجلات العربية 0 فى غرفة مساحتها أربعة أمتار مربعة تقريبا ، كان معه بعض ضباطه ، وهو يجلس خلف طاولة صغيرة عليها تليفون أسود وعلبة سجائر من النوع الذى يدخنه المصريين ، هذا القائد مربوع القامة تحت الخمسين هادئ الطباع ، لطيف ومتواضع جدا ، ولكنه قوى ، يبتسم دائما ، فى عينيه ذبول وحنان وغبار معارك الصحراء بهذه الأوصاف وصف المحرر العميد حسن أبو سعده قائد القطاع الأوسط فى الجبهة المصرية ، ثم قدم المحرر نفسه له ، فكان رد العميد ، وماذا جاء بك إلى الصحراء ؟
كان رد المحرر : نحن نتخيلك مثل فهد يتمشى فى الصحراء باحثا عن مدرعات إسرائيلية
سيادة العميد نريد أن نسمع منك قصة العبور التاريخى وقصة الالتحام مع لواء عساف ياجورى وكيف دمر ؟ وكيف استسلم قائده ؟
وبعد لحظة صمت لابد أنه تخيل أثناءها تلك اللحظة الفاصلة التى أعطيت فيها إشارة الهجوم ثم قال سيادته :
لقد نجحنا فى عبور قناة السويس ، ورغم أن العبور كان عقبة كبيرة ،ولكن بفضل الله تم العبور دون خسائر تذكر ، وكانت المشكلة الحساسة لنا هى عبور قوات المشاة من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية
لكى تتبعها القوات المدرعة ، وطبعا قمنا بعمل مسح للمنطقة على طولها ، فى الحقيقة كنا مستعدين للعبور ، منذ أن أعطى الرئيس أنور السادات الأمر بالإستعداد للحرب ، والحقيقة أننا كنا مستعدين كل لحظة ، ومع مرور الأيام كان إستعدادنا يتضاعف ، وكنا جاهزين للإنطلاق كان العدو قلقا على مصيره
فى يوم 6 أكتوبر كنا نحن ندرس لحظة العبور ، والمكان الذى سيتم فيه ، وانطلقت النار ، الله أكبر ، الله أكبر ، وفردنا المعبر هنا كان أول معبر على قناة السويس ، وبعد قليل أصبح الجسر جاهز للمرور
وبدأ الإسرائيليون هجومهم الشديد على هذا المعبر ، بدأو بكل قواتهم وخصوصا المدفعية ،التى ركزت القصف عليه فى محاولة لتدميره ، وفى كل لحظة كنا نعيد إصلاحه من جديد ، إلا أنهم لم يتمكنوا من تدميره إلا بعد أربعة أيام
نريد أن نعرف كيف تصرف الجنود المصريين عندما عبروا إلى الضفة الشرقية ؟ وكيف تصرف الإسرائيليون ؟
على صعيد القتال كانت المعركة بين جنود المشاة المسلحين بأسلحة مناسبة ، والمدربين بطريقة واقعية وبين قوات العدو على الضفة الشرقية ، وفى الحقيقة لو شاهدتم ضباطنا وجنودنا وهم يحاربون لاعتقدتم أنهم يتدربون ، كانوا خلال القتال يعدون أخطاء العدو ، وفى الواقع أن العدو ارتكب أخطاء كثيرة ، وأن القوات الإسرائيلية لم تكن مستعدة لخطة دفاعية ، وقد نجحنا فى تحقيق المفاجأة الإستراتيجية التى هى إخفاء نية الهجوم ، ولحظة ومكان الهجوم 0
أنا لا أقول أن الجيش الإسرائيلي ضعيف ، ولكن أقول أنه ليس بالجيش الذى لا يقهر كما يدعون ، بل أنه الجيش الذى يترك مدرعا ته الجديدة فى ساحة المعركة ، وهو الذى يدع جنوده يركضون شرقا محاولين الهرب ، وأن أغلبيتهم من الاحتياط ، وقبل مضى ساعتين من بدء الهجوم ، كانت كل القوات على الضفة الشرقية ، وخلال ست ساعات كانت الضفة الشرقية كلها محررة ، وفى اليوم الثانى من الحرب شاءت إسرائيل أن تلعب على المستوى الاستراتيجي ، كان قادتها يحاولون الوصول إلى أعماق مواقعنا بأى شكل ، وكانوا يظنون أنهم يستطيعون أن يفعلوا ذلك كما فعلوا فى حرب 1967
ماذا عن سقوط اللواء 190 مدرع ؟
بدأت القيادة الإسرائيلية بإرسال اللواء مدرع 190 من بئر شوبا على طريق العريش باتجاه الفردان ، وأنا أشكر ديان على هذه الهدية ، ثم أخذوا يدفعون مجموعات صغيرة من الدبابات إلى الجناح الأيسر
بجس النبض ، كانوا يتصورونا نظريين ، و أخذنا نصد هذه الدبابات على أنها الهجوم الرئيسي للعدو 0
بعد ذلك أرسلوا قوات صغيرة أخرى لدعم المجموعات المتقدمة 0 ومرة أخرى أرسل العدو مجموعة ثانيه باتجاه آخر ، فأظهرت لهم خطة متجاوبة مع هدفه ، بمعنى أننى تصرفت وكأنى أنفذ أوامره 0
وبعد ذلك دفع بمجموعة جديدة خلف قواتنا 0
ماذا عن خطة القضاء عليهم ؟
جاءتني معلومات تفيد بأن قوات العدو تتجمع على بعد 6 كيلو مترات إلى الشمال الشرقى ، وكنت تصورت أين سيكون الهجوم المضاد ، وكان فى منطقة الوسط ، وكنت مستعدا له ، وأعطيت أوامرى بصنع فخ للعدو ، وبعد عشر دقائق بدأ العدو هجومه بسرعة أربعين كيلو متر ، فأمرت الخط الأول بالنزول فى المخابئ ، وقلت لجنودى اتركوا العدو يمر حتى نأخذه بالأحضان ، وعندما بدأت الدبابات الإسرائيلية تمر على حفر المشاة المموهة عندنا أخذ الجنود يقفزون من الحفر كالشياطين ويدركون دبابات اللواء 190 ، وكل وسائلنا المضادة للمدرعات تطبق على العدو وتقتله ، وخلال ثلاث دقائق انتهى اللواء 190 مدرع ، وأقولها صراحة لو تأخر قرارى ثلاث دقائق لما كان العدو وقع فى الفخ لأنه كان هاجما بسرعة أربعين كيلو متر ، والحمد لله أنا كان عندى فكرة دقيقة عن هذه المنطقة ، وأعرف كل شبر فيها 0
كيف تم أسر قائد اللواء 190 مدرع ؟
كان قائد اللواء بعيدا عن قواته بحوالى ثلاثة كيلو متر ، وطبعا لم تكن المفاجأة واردة فى خيالة ، وقد حاول أن يفر بدبابته ، ولكن أحد ضباطى الممتازين أسرع بدبابته خلف دبابة عساف ياجورى وضربها فأصابها فقفز ياجورى منها ومعه جنديان ، وأسرعت مركبة القيادة الإسرائيلية لتلتقطه ولكن كان جنودى لها بالمرصاد ، وبصاروخ واحد صغير ضربت مركبة القيادة فقفز منها ياجورى ومعه أربعة جنود ، وأمرتهم المجموعة بالاستسلام ، فرفع عساف ياجورى يديه مستسلما وأمر الجنود بالاستسلام أيضا 0
إلا أحدهم حاول إطلاق النار من رشاشة ( العوزى ) فالتحمت معه مجموعتنا بالسلاح الأبيض ، واستعملت مجرفة الرمل فى هذه المعركة فقتل ثلاثة إسرائيليين واستسلم الرابع ومعه عساف ياجورى 0
ماذا كان مصير قائد اللواء 190 مدرع ؟
طبعا وقع فى الأسر وطلب مقابلتى وجئ به إلى هنا وكان خائفا على مصيره ، لأنه ارتكب خلال حرب 1967 أعمالا غير إنسانية فظيعة ، فقلت له أنك ضابط كبير ، وأن الحرب قد انتهت بالنسبة لك وأنت الآن أسير ولابد أن تعامل معاملة الأسرى 0
هذه كانت قصة سقوط اللواء 190 مدرع الاسرائيلى على لسان العميد حسن أبو سعده قائد القطاع الأوسط للجبهة المصرية فى ذلك الوقت ، والذى حكاها للأستاذ / عزت صافى محرر إحدى المجلات العربية ، فكان لابد وأن نستعرضها ليتعرف الجيل الحالى على إحدى البطولات المصرية